أطفال الساحل بين الخوف واليُتم — معاناة الطفولة في ظل حكم المتطرفين بدمشق

آدمن الموقع
0
عن الأحداث التي جرت في الساحل السوري أسبابها، تداعياتها ومقالات وتحليلات  تناولت الحدث تحديث 13 أذار 2025 - صفحات سورية
إعداد: وحدة الرصد الميداني – منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف
 
المقدمة

منذ أن أحكمت الجماعات المتطرفة قبضتها على العاصمة دمشق ومؤسسات الحكم فيها، دخلت المناطق الساحلية السورية مرحلة جديدة من الاضطراب الأمني والاجتماعي، حيث باتت الطفولة في مدن وبلدات الساحل من أكثر الفئات هشاشة وتعرضًا للانتهاكات والتهميش.
التحولات السياسية المفاجئة التي رافقت سيطرة المتطرفين انعكست بشكل مباشر على حياة المدنيين، وخاصة الأطفال، الذين وجدوا أنفسهم بين الخوف الدائم من العنف، والحرمان من التعليم، وتراجع الخدمات الأساسية. 
 
1. تدهور الأمن وتحول البيئة الاجتماعية إلى منطقة خوف

تعيش مناطق الساحل السوري — الممتدة من اللاذقية حتى بانياس وجبلة وطرطوس — حالة قلق أمني دائم نتيجة انتشار عناصر تابعة لجهات متشددة تتحكم بالمجتمع من خلال منظومات رقابية ودينية صارمة.
يتعرض الأهالي، وخصوصًا الأطفال، إلى ضغوط نفسية كبيرة بسبب المشاهد اليومية للمسلحين، والاعتقالات، والتهديدات التي تطال العائلات التي تُتهم بمعارضة الفكر المتطرف أو رفض أساليبه.
أفاد عدد من الأهالي أن المدارس باتت تحت رقابة مشددة، وأن بعض المناهج الدراسية عُدّلت لتتوافق مع الفكر الديني المتشدد الذي تفرضه السلطة الجديدة. 
 
2. انهيار النظام التعليمي وحرمان الأطفال من الدراسة

أدى الواقع الأمني الجديد إلى إغلاق العديد من المدارس أو تحويلها إلى مقرات عسكرية أو دينية، في حين اضطر مئات الأطفال إلى ترك التعليم إما بسبب خوف الأهالي من إرسالهم، أو نتيجة غياب الكادر التعليمي المؤهل.
تشير تقديرات محلية إلى أن نسبة الانقطاع عن التعليم في بعض قرى الساحل تجاوزت 60% خلال الأشهر الأخيرة.
في المقابل، بدأت جهات متطرفة بإنشاء ما تسميه “مدارس شرعية” تُركّز على الحفظ الديني والتعبئة العقائدية بدلاً من التعليم العلمي والمدني، مما يهدد بتفريغ جيل كامل من أي أفق معرفي أو فكري سليم. 
 
3. الانتهاكات المباشرة: تجنيد الأطفال والعمل القسري

رصدت منظمات مدنية محلية حالات تجنيد لأطفال دون سن الخامسة عشرة ضمن كتائب مسلحة تابعة للسلطات المتطرفة في دمشق والمناطق التابعة لها، خاصة في القرى الفقيرة والمهمّشة.
يُغرَّر بالأطفال عبر وعود مالية أو شعارات دينية، ليجدوا أنفسهم في الخطوط الأمامية أو في مهام الحراسة.
كما يجبر العديد من الأطفال على العمل في المزارع والمرافئ والأسواق لتعويض غياب المعيل بعد مقتل أو اعتقال أحد أفراد الأسرة.
هذه الممارسات أدت إلى تدهور نفسي واجتماعي عميق لدى جيلٍ كامل فقد الأمان والتعليم والطفولة في آنٍ واحد. 
 
4. الوضع الصحي والإنساني: أزمات صامتة

في ظل ضعف البنى التحتية وانسحاب المنظمات الإنسانية من مناطق سيطرة المتطرفين، يعاني الأطفال من نقص حاد في الخدمات الصحية والتغذوية.
تفيد تقارير طبية محلية بارتفاع معدلات سوء التغذية والأمراض الجلدية والتنفسية بين الأطفال، خصوصًا في المناطق الجبلية الفقيرة.
كما تعاني الأمهات من صعوبة الوصول إلى المراكز الطبية، ما يؤدي إلى وفيات مرتفعة بين الأطفال حديثي الولادة بسبب غياب الرعاية الصحية الأساسية. 
 
5. الأثر النفسي والاجتماعي: جيل يعيش في الظل

تسببت الحرب الفكرية والدينية التي يفرضها المتطرفون في تبدل عميق في مفاهيم الطفولة والأمان، إذ بات الطفل في الساحل يعيش تحت رقابة فكرية وسلوكية مشددة.
العديد من العائلات تُجبر أبناءها على الالتزام بمظاهر دينية قسرية خوفًا من العقاب أو الوصم الاجتماعي.
أخصائيون نفسيون محليون يؤكدون أن نسبة الاكتئاب والقلق والخوف لدى الأطفال في الساحل تضاعفت ثلاث مرات مقارنة بالأعوام السابقة، فيما تغيب تمامًا برامج الدعم النفسي والاجتماعي. 
 
الخاتمة

إن واقع أطفال الساحل السوري في ظل سلطة المتطرفين الحاكمة في دمشق يُعبّر عن إحدى أبشع صور الانتهاك الجماعي لحقوق الطفولة في البلاد.
فالطفل هنا لم يعد ضحية الحرب فقط، بل أصبح رهينة الفكر المتشدد والقهر الأمني والحرمان الاجتماعي.
ويُحذر ناشطون حقوقيون من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى توليد جيل من الأطفال المهمّشين والمجروحين نفسيًا، ما يشكل خطرًا طويل الأمد على مستقبل المجتمع السوري ككل.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!