منظمة ماف لحقوق الإنسان في سوريا - ماف
- تأسست عام 2004
- رئيس المنظمة: أ. عبد الباقي أسعد.
- التوجه الحقوقي: منظمة كوردية تعمل في مجال حقوق الإنسان وتدافع عنه دون تمييز.
تُعدّ منظمة ماف واحدة من أبرز المنظمات المدنية السورية المستقلة التي كرّست جهودها منذ تأسيسها لمتابعة ورصد أوضاع حقوق الإنسان في سوريا، في ظل ما تشهده البلاد من انتهاكات جسيمة ومتواصلة منذ عقود، تفاقمت مع تصاعد النزاعات والحروب الداخلية.
تتبنى المنظمة نهجاً حقوقياً مهنياً يستند إلى مبادئ العدالة والشفافية، وتسعى إلى بناء وعي مجتمعي قائم على احترام الكرامة الإنسانية والمساءلة القانونية، بوصفها الركيزة الأساسية لبناء دولة مدنية عادلة.
تتبنى المنظمة نهجاً حقوقياً مهنياً يستند إلى مبادئ العدالة والشفافية، وتسعى إلى بناء وعي مجتمعي قائم على احترام الكرامة الإنسانية والمساءلة القانونية، بوصفها الركيزة الأساسية لبناء دولة مدنية عادلة.
الهوية والرؤية
تستمد منظمة ماف (MAF) — التي تعني بالكردية الحق — هويتها من إيمانها العميق بأن صون حقوق الإنسان هو المدخل الحقيقي لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا. فهي ليست جهة سياسية ولا فئوية، بل مؤسسة مدنية مستقلة تعمل بمعايير مهنية وأخلاقية، غايتها الأساسية حماية الإنسان السوري من كل أشكال الانتهاك، بغض النظر عن انتمائه القومي أو الديني أو الفكري.
وترى المنظمة أن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر مجتمع يؤمن بالحقوق المتساوية، وبأن الديمقراطية تبدأ من احترام حق الفرد في التعبير والاختيار والحياة الكريمة.
أهداف المنظمة ومجالات عملها
تركز ماف على عدد من المحاور الجوهرية التي تشكل إطار عملها الحقوقي والإنساني، من أبرزها:
رصد وتوثيق الانتهاكات:
تقوم المنظمة برصد حالات الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج القانون، والانتهاكات الواقعة على النساء والأطفال والأقليات. تعتمد ماف في تقاريرها على آليات توثيق دقيقة، وشهادات ميدانية موثوقة، ما جعل تقاريرها مرجعاً معتمداً لدى عدد من الهيئات الحقوقية الدولية.
الدفاع عن الضحايا والمعتقلين السياسيين:
تسعى ماف إلى تقديم الدعم القانوني والمعنوي لعائلات المعتقلين والمفقودين، والعمل على كشف مصيرهم ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. كما تولي اهتماماً خاصاً بملفات السجون والمعتقلات، وتسعى إلى توثيق الجرائم المرتكبة بحق السجناء السياسيين وسجناء الرأي.
نشر ثقافة حقوق الإنسان:
تدرك المنظمة أن حماية الحقوق لا تتحقق فقط عبر التقارير والبيانات، بل من خلال نشر الوعي الحقوقي في المجتمع. لذلك تنظم ماف دورات تدريبية وورش عمل ومحاضرات توعوية موجهة للشباب والنشطاء والمجتمع المدني، لتعليم مبادئ القانون الدولي الإنساني، والحقوق المدنية والسياسية، وآليات الدفاع السلمي عن الحريات العامة.
قضايا الحريات العامة وحقوق الأقليات:
تولي المنظمة اهتماماً خاصاً بالدفاع عن الحريات الفكرية والسياسية والإعلامية، ومواجهة كل أشكال القمع والتمييز. كما تعمل على إبراز قضايا الأقليات القومية والدينية في سوريا، وخاصة الانتهاكات التي طالت المكونات الكردية والسريانية والآشورية واليزيدية، وتؤكد على حقهم في المشاركة السياسية والثقافية المتساوية ضمن وطنٍ ديمقراطي تعددي.
تعزيز سيادة القانون ومحاسبة المنتهكين:
تؤمن ماف بأن العدالة الانتقالية والمساءلة هما حجر الأساس لأي عملية إصلاح حقيقي. ولذلك تعمل على توثيق الأدلة القانونية حول الجرائم والانتهاكات، تمهيداً لتقديمها إلى الهيئات القضائية الدولية المختصة، وإلى لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة. الهدف هو منع الإفلات من العقاب وبناء ثقافة قانونية قائمة على احترام الدستور والمعاهدات الدولية.
الشراكات والتعاون الدولي
تتعاون ماف مع عدد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، إضافة إلى التنسيق مع الشبكات الحقوقية السورية المستقلة.
تهدف هذه الشراكات إلى توحيد الجهود، وتبادل الخبرات، وإيصال صوت الضحايا السوريين إلى المحافل الدولية، خصوصاً مجلس حقوق الإنسان في جنيف، والبرلمان الأوروبي، والمنظمات الأممية المختصة.
كما تعمل المنظمة على بناء جسور تواصل مع الجاليات السورية في الخارج، لتسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة، وجمع الشهادات والمعلومات التي تساعد في عمليات التوثيق والمساءلة الدولية.
الدور الإنساني والمجتمعي
لا تقتصر ماف على النشاط القانوني، بل تمتد جهودها إلى الجانب الإنساني والاجتماعي. فهي تسعى إلى دعم المتضررين من النزاعات، وتوفير المساعدة القانونية والنفسية للنساء والأطفال الناجين من العنف، إضافة إلى إقامة حملات توعوية ضد خطاب الكراهية والعنصرية.
وفي هذا السياق، تركز المنظمة على دور المجتمع المدني الكردي والسوري في بناء ثقافة السلام والمواطنة، وتشجع على الحوار بين المكونات المختلفة، باعتباره الطريق الوحيد نحو التعايش والتفاهم الوطني.
التحديات التي تواجهها
تعمل ماف في بيئة معقدة ومحفوفة بالمخاطر، حيث يواجه النشطاء الحقوقيون مضايقات وتهديدات وقيوداً على حرية العمل المدني. كما تعاني المنظمة من صعوبات في الوصول إلى مناطق معينة داخل سوريا بسبب الانقسام السياسي والجغرافي، ما يجعل مهمة الرصد والتوثيق شديدة الصعوبة.
ورغم هذه التحديات، تواصل ماف أداء دورها بإصرار ومسؤولية، ملتزمة بالمبادئ الإنسانية التي تأسست عليها، ومؤمنة بأن الحقيقة والعدالة لا يمكن إسكاتهما مهما اشتدت الظروف.
الخاتمة
إن منظمة ماف لحقوق الإنسان تمثل اليوم نموذجاً مهماً للمجتمع المدني المستقل في سوريا، فهي تؤدي دوراً مزدوجاً بين الشهادة على الحقيقة والدفاع عن الكرامة الإنسانية. وفي ظل استمرار الانتهاكات وانسداد آفاق العدالة داخل البلاد، تبقى ماف صوتاً حراً ينقل معاناة الضحايا إلى العالم، ويذكّر المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه السوريين جميعاً.
فما تقوم به المنظمة ليس مجرد عمل حقوقي، بل رسالة أخلاقية مفادها أن العدالة لا تموت، وأن كل جهد في سبيل الإنسان هو خطوة نحو مستقبل أكثر إنصافاً وكرامة.
